إضاءة على شهر تاريخ السود: مراجعة إنجازات دراسة BLAAC PD والتوقعات المستقبلية
عودة إلى المدونة

إضاءة على شهر تاريخ السود: مراجعة إنجازات دراسة BLAAC PD والتوقعات المستقبلية

Author(s)
  • نعومي لوي

    مؤسسة مايكل ج. فوكس لأبحاث داء باركنسون | الولايات المتحدة الأمريكية

    نعومي هي مديرة مساعدة في مؤسسة مايكل ج. فوكس لأبحاث داء باركنسون. تتمتع بخبرة سابقة كأخصائية تغذية في مجال الصحة العامة، ولديها باع طويل في جهود تحقيق العدالة العرقية في الصحة وفي التعليم، حيث عملت مع مجموعة م�... Read More

يُعرف شهر شباط/فبراير على أنه شهر «تاريخ السود» في الولاياتشهر، استطاعت الجامعة ضم 124 مشاركًا، أي أكثر من نصف العدد الإجمالي للمشاركين في عام 2 المتحدة، إذ يُخصَّص للاحتفاء بمساهمات مجتمع ذوي البشرة السوداء وإنجازاته. وبدأ الاحتفاء بهذا الأسبوع في عام 1926 بمبادرة من المؤرخ المعروف كارتر ج. ودسون كوسيلة لتحفيز الناس على البحث في الدور المهم الذي يلعبه الأمريكيون ذوو البشرة السوداء في التاريخ ودراسته. وقد اختار شهر شباط/فبراير لأنه يصادف تاريخ ميلاد اثنين من أهم الرجال في تاريخ ذوي البشرة السوداء في الولايات المتحدة، وهما فريديريك دوغلاس، المعروف بدوره في إبطال العبودية في البلاد، والرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن، الذي وضع حدا للعبودية المقننة. اعترفت حكومة الولايات المتحدة بشهر تاريخ السود رسميًا ابتداءً من عام 1976، ومن ثم تلتها بلدان أخرى حول العالم، مثل كندا، والمملكة المتحدة، وألمانيا وفرنسا. هكذا بدأت كل هذه الدول بتخصيص شهر واحد في السنة للاحتفاء بتاريخ السود.

   ولم يقتصر الأمر على ما شهده التاريخ من أحداث مؤلمة في الولايات المتحدة الأمريكية بحق السود ومجتمع الأمريكيين من أصول إفريقية، بل لطالما أهملت الأبحاث أولئك الأفراد أيضًا. فهناك الكثير من الدراسات التي لم تشمل أبدا مشاركين من خلفيات متنوعة، بينما استغلت دراسات سابقة، بشكلٍ غير أخلاقي، هذا المجتمع أو أفراد مُحدّدين منه، تمامًا كما حدث في دراسة توسكيجي للزهري، التي استمرت ما بين عامي 1932 و1972 ونسخ خلايا هينرييتا لاكس واستخدامها من دون الحصول على الموافقة في عام 1951، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. أما في يومنا هذا، فهناك تغييرات في بيئة الأبحاث، بحيث يبذل القائمون عليها جهدًا خاصًا لدمج مجتمعات متنوعة وإشراكها في الأبحاث. يعي القائمون على البرنامج العالمي حول الجينات المرتبطة بداء باركنسون المشاكل التي اعترت الأبحاث السابقة والنقص التاريخي في الأبحاث التي تخص مجتمع السود والأمريكيين من أصول إفريقية. ولهذا السبب، فقد بادر البرنامج بإطلاق دراسة خاصة في عام 2021، بهدف ضمان تمثيل هذا المجتمع المتنوع في الولايات المتحدة. هذه الدراسة هي دراسة «الروابط بين السود والأمريكيين من أصول إفريقية وداء باركنسون»، والتي تُعرف اختصارًا باسم BLAAC PD. وبمناسبة حلول شهر تاريخ السود، نودّ أن نغتنم هذه الفرصة لمراجعة ما تعلمناه في هذه الدراسة وما نتوقعه في المستقبل. 

أبرز ما تعلمناه في عام 2023 

كانت السنة الفائتة مليئة بالدروس التي تعلمها فريق دراسة BLAAC PD، حيث واصلنا حشد المشاركين في أربعة مواقع تجريبية أساسية، ومن ثم أضفنا موقعين جديدين في مدينتي غينزفيل بولاية فلوريدا وشريفبورت بولاية لويزيانا في بداية العام 2023. يتطلب العمل مع أفراد مجتمع السود والأمريكيين من أصول أفريقية، وغيرهم من المجتمعات التي لا تحظى بالتمثيل الكافي في الأبحاث، نوايا صادقة لفهم المجتمع، وثقافته، وخصائصه المميزة بشكلٍ أفضل. كما تنبغي دراسة تأثير كل تلك العوامل على الاستجابة لاستراتيجيات حشد المشاركين في الأبحاث والتفاعل معها. في عام 2023، ضمّت الدراسة 228 فردًا في المواقع الستة، وذلك من أصل 461 مشاركًا تم حشدهم منذ العام 2021. وقد تعلمنا من هذه التجربة العديد من الدروس طيلة العام الفائت.

  شهد مركز العلوم الصحية في جامعة ولاية لويزيانا، الواقعة في مدينة شريفبورت في ولاية لويزيانا، واحدًا من أكبر نجاحاتنا لهذا العام، حيث بدأ فريق المركز بحضور المعارض الصحية وغيرها من الفعاليات المجتمعية، مستفيدين من أموال دراسة BLAAC PD المُخصَّصة للتفاعل مع المجتمع. وبفضل حضورهم الدائم لهذه الفعاليات، بدأ الفريق بكسب ثقة المجتمع. لم يتمكّن منسقو البحث الفاعلين من مشاركة المزيد من المعلومات حول داء باركنسون وحسب، وإنما نجحوا أيضًا في تشجيع العديد من متطوعي حالات الضبط على المشاركة في الدراسة. وخلال عشرة أشهر، استطاعت الجامعة ضم 124 مشاركًا، أي أكثر من نصف العدد الإجمالي للمشاركين في عام 2023. 

  كما شهدت هذه السنة تحديات خاصة، حيث كانت هناك تغييرات سريعة في طاقم العمل في العديد من مواقعنا، وذلك بوتيرة أسرع من السنوات السابقة. إلى جانب ذلك، قد تكون مسألة تحديد الأولويات صعبة بالنسبة لمنسقي البحث الذين يضطرون إلى تقسيم وقتهم بين العديد من الدراسات المختلفة. ومن خلال مواقعنا المتعددة، لاحظنا الفرق الذي يحدثه وجود منسق رئيسي للدراسة بدلًا من وجود منسقين يعملون على أكثر من دراسة في نفس الوقت. إن وجود القيادة المتفرغة للدراسة يدعم الاتساق في جهود حشد المشاركين. كما تعلمنا أيضًا أهمية التحضير المسبق لمغادرة عضو من أعضاء الفريق، واتخاذ الخطوات الأساسية للتقليل من احتمالية فقدان الزخم، مثل اختيار الأشخاص الذين سيتولون المزيد من المسؤوليات والذين قد يحتاجون إلى تلقي التدريب ومن ثم الانضمام إلى الدراسة. 

التوسع العلمي

شهد العام الفائت اكتشافات كبيرة في مجال الأبحاث المرتبطة بداء باركنسون. تستمر دراسة BLAAC PD بالتوسع، ونهدف إلى الاستفادة في عملنا من هذه الاكتشافات العلمية التي ظهرت مؤخرًا. في عام 2023، اكتشف ائتلاف عالمي من العلماء بقيادة مؤسسة مايكل ج. فوكس ودراستها السريرية المرجعية والتي تُعرف بعنوان «مبادرة علامات ترقي داء باركنسون»، أداة جديدة يمكنها الكشف عن مُسبّب المرض: بروتين الفا سينوكلين غير الطبيعي في خلايا الدماغ والجسم. هذه الأداة هي عبارة عن فحص يسعى إلى تضخيم بروتين الفا سينوكلين، وتُمكّن الباحثين من رؤية التغير البيولوجي في بروتين الفا سينوكلين في جسم شخص حي لأول مرة، ما يُعدّ خطوة هائلة للأمام من أجل إيجاد علاجات للمرض، بما في ذلك العلاج الشافي. كما وجد هذا الائتلاف، من بين اكتشافاته الأخرى، علاقة بين فقدان القدرة على الشم ونتيجة فحص تضخيم بروتين آلفا سينوكلين، حيث تزداد احتمالية الحصول على نتيجة إيجابية فيه في هذه الحالة. وسوف تساهم دراسة BLAAC PD في تحسين فهمنا لمسبّبات داء باركنسون في سلالات مختلفة من خلال شمول اختبار الشم في البروتوكول. 

إلى جانب ما سبق، شهد العام 2023 اكتشافًا مهمًا آخر، حيث تم اكتشاف الأليل الجيني الذي يزيد من خطر الإصابة بالمرض GBA1 ، والذي تم التوصل إليه من خلال تحليل مجموعة من البيانات التي تم جمعها من شبكة أبحاث داء باركنسون النيجيرية، وIPDCGC أفريقيا ودراسة BLAAC PD. ومنذ الإعلان عن علاقة GBA1بالإدراك المعرفي، بدأت دراسة BLAAC PD بالبحث عن إجراءات مناسبة لتقييم الإدراك المعرفي لدى المشاركين المستقبليين. سوف تعقد الدراسة اجتماعًا مع أبرز القادة وأصحاب الشأن خلال الأشهر القليلة المقبلة لتحديد الخطوات القادمة بهدف تقييم الإدراك المعرفي، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار القدرة على إجراء التقييم في كل الدراسات والسلالات وغير ذلك من الاعتبارات الهامة. نأمل أن يُحسّن هذا التوسع العلمي من فهمنا لجينGBA1، الذي يُعدّ من عوامل الخطر المعروفة، وتحسين تطوير علاجات داء باركنسون في المستقبل، والتي نأمل أن تكون فعّالة في أوساط مجتمع السود والأمريكيين من أصول أفريقية.  

التوسع في المواقع

منذ بدء تفعيل أول موقع لنا في شهر حزيران/يونيو 2021، توسعت الدراسة من أربعة مواقع فاعلة في المرحلة التجريبية إلى ستة مواقع في عام 2023. واستقبلت هذه المواقع 461 مشاركًا حتى شهر كانون الثاني/يناير 2024. بيد أن هذا العدد ما يزال متواضعًا بالنظر إلى الهدف المتمثل في حشد 2000 مشارك بحلول عام 2026، ما يعني أن الطريق ما زال طويلا. وفي عام 2023، وضع فريق دراسة BLAAC PD هدفًا للتوسع بشكل كبير من أجل تحقيق أهداف حشد المشاركين والتي تتمثل بمضاعفة الحجم وزيادة عدد المواقع الفاعلة من ستة إلى 12 موقعًا.

   وبعد تكريس طاقتهم لأشهر في هذا الاتجاه، تم اختيار المواقع الستة التالية بشكلٍ رسمي: جامعة ساوث كارولاينا الطبية، وشركة «أوشنر هيلث»، ومركز كليفلاند الطبي التابع لمستشفيات الجامعة، وجامعة ماريلاند، ومركز العلوم الصحية في هيوستن التابع لجامعة تكساس، وجامعة واشنطن في سانت لويس.  

وفي إطار هذا التوسع الأخير أضفنا مواقع لدراسة BLAAC PD في أربع ولايات إضافية هي: تكساس، وميسوري، وأوهايو وساوث كارولاينا. ومع هذا التوسع لدراسة BLAAC PD في ولايات الوسط الغربي والجنوب في الولايات المتحدة، نأمل أن نشهد ارتفاعًا كبيرًا في أعداد المشاركين بالإضافة إلى زيادة تمثيل التنوع الموجودة في مجتمع السود والأمريكيين من أصول أفريقية المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية. وبسبب أنماط الهجرة وتنوع دول الشتات لمجتمع السود، هناك اختلافات بين أفراد هذه المجتمعات من موقع إلى آخر. على سبيل المثال، ظهرت حاجة كبيرة للمواد باللغة الإسبانية في موقع دراسة BLAAC PD الجديد في هيوستن بولاية تكساس، وذلك لأن الكثيرين من أبناء مجتمع السود والأمريكيين من أصول أفريقية هم أفارقة لاتينيون، وقد لا يتحدثون الإنجليزية بطلاقة. وينطبق الأمر ذاته على المجتمعات الأفريقية-الكاريبية المقيمة في نيو أورلينز بولاية لويزيانا، حيث يمكن أن يتفاعل أبناء هذه المجتمعات بطريقة مختلفة مع المواد التي قمنا بتطويرها. قبل هذا العام، كانت كل مواد دراسة BLAAC PD باللغة الإنجليزية حصرًا، وقد كانت معظم المواقع تستخدم المواد ذاتها. أما بعد التعرف على هذه الحاجات والفرص الجديدة، فإننا نأمل أن تُصبح هذه الدراسة أقوى وأكثر تمثيلًا للتنوع الموجود في مجتمع السود والأمريكيين من أصول أفريقية في أنحاء الولايات المتحدة.  

إطلالة على المستقبل

بينما ننشغل بالتخطيط لسنة 2024 وما بعدها، فإننا نعي بأن هناك الكثير من الأعمال التي يجب أن ننجزها. بيد أن ما يدفعنا للاستمرار هو النمو الذي شهدناه، والاكتشافات العلمية التي نملك فرصة الاستجابة لها والحماس الذي لمسناه في مواقعنا الجديدة، حيث ينتظر طاقمها بدء العمل بفارغ الصبر. ليس لدينا شك بأن هذا العام، تمامًا مثل العام الفائت، سيكون مليئًا بالدروس والاكتشافات الجديدة.

   شاركت كل من ج. سول، وأليسا أوغرادي، وديمة حكيم، وسيرينا فونغ في كتابة هذه المدونة، فشُكرًا لكن جميعًا لوقتكن ومساهماتكن.